أخبار - أخرالمواضيع | lamouarid.com

الاثنين، 26 يوليو 2021

القاضي المحامي المحاماة مهنة الشرف والشرفاء، الجبابرة والعظماء ..

lamouarid.com

القاضي المحامي
كثيراً ما نَسمع أن قاضيا أصبح محاميا، ونادرًا ما نرى أن محاميا ولجَ صفوف القضاء، ليس انتقاصا من مهنة القضاء الشريفة، وإنما تفسير ذلك أن مهنة المحاماة مِن المهن التي يمكن أن تُحقق للمنتسب إليها الإكتفاء الذاتي، سواءٌ المادي أو العِلمي أو الروحي؛ على اعتبار أن الخير هو أصل الإنسان، وفِطرته التي فطر عليها، مِصداقا لقوله تعالى في سورة الأنبياء الآية 107 (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )، فالإنسان دائما تواق لفعل الخير، مُحب للدفاع عن المظلوم ونصرة الحق، مستنكرا للظلم و الشر والباطل، والمحاماة بهذا هي المهنة التي يمكن أن تُزاوجَ بين هذه الأشياء، فالمحامي دائما تجده يطالع ويقرأ باستمرار، يفترض فيه الإلمام بالنصوص القانونية، وبجميع المهن الأخرى كالطب والهندسة وغيرها، والعلوم، كعلم الإجتماع والفلسفة وعلم النفس، والأدب كما يفترض أن تكون له دراية كبيرة باللغة العربية وقواعدها، فتجده يرافع في الطب والفلسة، وعلم النفس والاجتماع ، وفي قواعد اللغة العربية، في الإعراب والنحو والبناء، فتارة يطعن في خبرة طبية، وأخرى يحلل نفسية متهم، وأحيانا يرافع في قواعد اللغة العربية، وفي هذه النقطة أستحضر نازلة سبق أن حدثني بها أحد الأصدقاء المحامين، لقضية كسبها في المرحلة الإستئنافية، بعد أن رافع في قواعد النحو، تفسيرا لأحدى الوثائق العدلية التي كان محررها عدل له دراية عالية بقواعد اللغة العربية الفصيحة، حررها بلغة راقية وفصيحة صعبة، كيف استطاع هذا المحامي بالمامه بالقواعد أن يفك ويفسر نحوا وإعرابا كل الجمل أمام محكمة الاستئناف، بعدما تم حرمان أحد الموصى لهم ابتدائيا من حقه بسبب عدم الإلمام الجيد بالقواعد، ليتم في النهاية إلغاء الحكم الابتدائي، والحكم من جديد باستحقاق الموصى له بوصية كانت قد جرت لهذا الأخير مبالغ كبيرة جدا !
كما أن مهنة المحاماة من المهن التي تحقق لصاحبها الإستقرار المادي والغنى، طبعا، بفضل الإجتهاد والممارسة النظيفة، فبعض المحامين كسبوا قضايا، كبيرة حققت لهم أرباحا مادية ضخمة حلالا بعد اجتهاد وسهر، وبحث متواصل .
بالإضافة إلى كل هذا فإن مهنة المحاماة تحقق الإكتفاء الروحي المتمثل في الدفاع عن الحقوق والحريات، بحيث أن الإنسان بطبعه يسعى إلى الدفاع، ونصرة الحق، ولعل مهنة المحاماة لها من الوسائل والإمكانات القانونية والواقعية ما يسهم بشكل كبير جدا في تحقيق الحقوق، وبلوغ الحقيقة
ولعل أهم هذه الإمكانات، حرية التعبير، بحيث أن المحامي يتمتع بالحصانة بأن يترافع عن مؤازره بأي طريقة يرى فيها النجاعة في إيصال أفكاره، هذا من طبيعة الحال في حدود الإحترام اللازم للقانون، وهذا ما نصت عليه المادة 58 من قانون مهنة المحاماة رقم 28/08 ، هذه الإمكانية غير متاحة لأي جهة أخرى كانت داخل جلسات المحكمة مع استثناء لبعض القضاة، خصوصاً قضاة النيابة العامة الذين يرافعون دون تقييد من أجل القانون وأحيانا لصالح المتهم كلما استأنسوا لبراءته.
وكذلك لبعض القضاة في القضاء العادي، خصوصا الإستعجالي منه، فالقاضي الإستعجالي أحيانًا تستهويه المناقشة القانونية، ويخرج من جبة القاضي، ليرتدي بدلة المحامي ويرافع في الملف الذي بين يديه، فترى فيه ذاك المحامي الذي يصطف مع الحق، ويميل إليه بخبرته وحنكته، فيرافع بكل تجرد وحياد، ويروي ضمأه القانوني، مُنهيًا مرافعته بِحُكمٍ على المقعد، بالجملة التالية : لهذه الأسباب نصرح بعدم الاختصاص أو عدم قبول الطلب شكلا أو رفض أو الاستجابة للطلب منصفا المظلوم .
عندما ترى قاضيا قضى سنوات في ممارسة القضاء، يلج مهنة المحاماة، ويرتدي البدلة السوداء، اعلم أن المحاماة مهنة الشرف والشرفاء، الجبابرة والعظماء ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق