أخبار - أخرالمواضيع | lamouarid.com

الخميس، 15 يوليو 2021

إحداث المرفق العام المحلي و تدبيره من طرف الجماعة المحلية

lamouarid.com



المرافق العامة على ضوء الدستور الحالي -إحداث المرفق العام المحلي

يندرج موضوع إحداث المرفق العام المحلي، في إطار الرهان الترابي. بكل أبعاده كمحور لإصلاح وتحديث الدولة. التي يتفق عليها الجميع وذلك من خلال توضيح اختصاصات كل المستويات. وتدعيم ديمقراطية القرب عبر مشاركة المواطنين في الحياة المحلية تعود بالنفع على المستفيدين من الخدمات، عبر الحوار والمسؤولية وإعطاء الوسائل لتسيير عمومي جيد وإعداد إستراتيجية لتهيئة التراب.
مختلف هذه التدابير ترمي إلى تحديث الإدارة العمومية. بهدف تمكينها من تلبية متطلبات السوق مع تنمية اقتصادية واجتماعية ذات فعالية. هنا يتعلق الأمر بإقامة ميكانيزمات وثقافة منح الخدمات العمومية التي تدفع بالتنمية والتقدم الاقتصادي وترافق القطاع الخاص والمستثمرين وتخدم المواطن أينما وجد بكل إنصاف وشفافية.
إذن فإن التوجه الترابي الذي اعتمدته الدولة في إطار اللامركزية، وإخضاعها لحيز الواقع. يحتم عليها تحضير أرضية صالحة وقابلة لهذا النمط من التوجه. فاللامركزية بكل تمظهراتها جماعات محلية مجالس إقليمية مجالس جهوية لا يمكن أن تعطي ثمارها والغاية المرجوة من إحداثها في ضل انعدام الرؤية الواضحة لهذا النمط من التسيير الترابي.
وبعد ماذا يفيد كل ما قلناه ورسمناه في هذا المدخل. وما نحن مقدمون على تأمله في هذا الموضوع. لابد من التأكيد هنا أن هذا المدخل ما هو في الواقع سوى محاولة في سياق الإلمام جهد المستطاع بالمقام الذي يتم فيه مقاربة موضوع إحداث المرفق المحلي باعتباره مكون من مكونات اللامركزية.
مقدمة:
تكتسي دراسة المرفق العام مكانة هامة في القانون الإداري. وتستعمل كذلك كلمة "مرفق عام" في إطار هذا القانون للدلالة على معنيين إما النشاط الذي يصدر عن الدولة أو إحدى هيئاتها لإشباع حاجة تحقيقا للمصلحة العامة، هذا هو الاتجاه المادي في تعريف المرفق العام. أو تطلق كلمة مرفق عام على الهيئة التي تزاول ذلك النشاط وهذا اتجاه عضوي أو شكلي في تعريف المرفق العام.
وهكذا توجد نظرة مادية للمرفق العام تنصرف إلى نشاط المرفق وأخرى عضوية تنصرف إلى الجهة الممارسة لهذا النشاط. ويبدو أن القضاء الإداري في الوقت الحاضر والفقه الحديث أيضا اتجها إلى ترجيح النظرة المادية بالنسبة للمرفق العام حيث يكفي أن يتصف نشاط معين ببعض الخصائص كأن يكون هدفه المصلحة العامة، وأن تكون السلطة العامة قد رأت أن تجعل منه مرفقا عموميا.
ومن التعريفات المقدمة للمرفق العام نذكر على سبيل المثال:
* تعريف بومار: مشروع ذو نفع عام خاضع للإدارة ويهدف إلى إشباع حاجات عامة. 
* تعريف ديلوبادير: إن المرفق العام نشاط تباشره سلطة عامة بقصد الوفاء بحاجة ذات نفع عام.
* تعريف ريفرو: ذلك النشاط الذي يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، يدار من قبل الأشخاص العمومية أو الأشخاص العامة أو معا ويمتعه ببعض امتيازات السلطة العامة.
هذه المرافق العامة إما يمتد نشاطها إلى مجموع السكان، أي يعم الدولة باجمعها ويطلق عليها اسم المرافق العامة الوطنية مثل مرفق الدفاع الوطني، الأمن، الصحة، البريد، الجمارك أو يكون نشاطها يهم سكان إقليم معين في الدولة وتسمى المرافق العامة المحلية ويعود أمر هذه المرافق إلى المجالس المحلية. لأنها أعرف بحاجيات ساكنتها. إلا أن هذا التقسيم يبدو سهلا بالنسبة لبعض المرافق. فإن التفرقة بينها قد تصعب فيما يخص المرافق الأخرى لان طبيعة المرفق قد تتغير حسب ظروف الزمان والمكان إلا أن المشرع وضع مجموعة من النصوص القانونية الخاصة منها القوانين المنظمة للإدارة اللامركزية حيث قام بتعداد المرفق التي تختص بإحداثها الهيئات اللامركزية .
وغني عن البيان أن أهمية المرفق العام المحلي وما وصل إليه من عناية من طرف المشرع في تتبعه ودراسته. لم يكن وليد الصدفة بل هو وليد تطور الدولة في علاقتها مع المجتمع منذ زمن بعيد، حيث عند بحثنا في طيات التاريخ نجد أن المغرب لم يعرف مرافق عامة محلية شأنه في ذلك شأن الدول العربية. حيث كانت الجماعة تسير شؤونها المحلية على أساس واقعي وعرفي، وتعتمد على الأعراف والتقاليد السائدة. كما أن نظام البلدي في فترة ما قبل الحماية لم يعرف مرافق عامة محلية كما هي ظاهرة اليوم، حيث كانت السلطات المحلية المتمثلة في الباشا والمحتسب هي التي كانت تقوم بتسيير شؤون الجماعة وفي كل ما يتعلق بالتجهيزات المحلية.
أما خلال فترة الحماية لقد تميزت هذه الفترة الممتدة من سنة 1913 إلى 1956 بصدور بعض الظهائر المتعلقة بالتنظيم البلدي منها :
ظهير 8 أبريل 1913 يحمل اسم الظهير المتعلق باللجان البلدية في موانئ الامبراطورية الشريفة.
ظهير 8 أبريل 1917 لسد التغراث الظهير السابق.
أخير صدور ظهير 18 شتنبر 1953 جاء بعض المستجدات في الميدان البلدي.
كل هذه الظهائر لم تهتم بمجال إحداث المرفق العام المحلي سوى الاهتمام مجال التنظيم المحلي وتكريس تدخل المستعمر الفرنسي في الشؤون المحلية.
وخلال فترة الاستقلال انصب اهتمام المسؤولين على التفكير في وضع نظام جماعي يلائم وضعية المغرب المستقل، لذا بدأت يلوح في الأفق عدة مؤشرات من أجل وضع نظام قانوني للجماعات المحلية حيث بعد صدور القانون المتعلقة بانتخاب المجالس الجماعية لسنة 1959 والقانون المتعلق بالتقسيم الترابي الذي صدر في نفس السنة، صدر ظهير 23 يونيو 1960 الذي وضع الإطار القانوني للعمل الجماعي بالمغرب.
في ظل هذه الإصلاحات والسلوكات التي اعتمدها المشرع والتعديلات التي لحقتها حتى اليوم من أجل تكريس نظام الإدارة اللامركزية إلى جانب الإدارة المركزية يمكن أن نطرح سؤالا محوريا يمكن اعتباره كإشكالية مركزية لهذا الموضوع.
هل استطاع المشرع أن يحقق استقلالية كاملة للمجالس الجماعية في إحداث المرفق العام المحلي؟.
الإجابة على هذا السؤال ليس بالأمر السهل وبالتالي لم يكن العمل الذي أقدمنا على البحث فيه أمرا يسيرا ذلك أنه يطلب منا بذل مجهودات دقيقة وذلك لمجموعة من الأسباب.
السبب الأول : أن جل الكتابات لم تهتم جيدا بمجال إحداث المرفق العام المحلي.
السبب الثاني : ضرورة البحث في النصوص القانونية التي لها علاقة بمجال إحداث المرفق العام المحلي ومعرفة التعديلات التي جاءت بها المواثيق اللاحقة.
السبب الثالث : هو أن الموضوع له علاقة بجميع المواضيع التي سوف نناقشها خلال هذه السنة لهذا تطلب منا نوع من الاحتراز من أجل التركيز في مجال الإحداث فقط.
كما نشير في هذا الصدر أننا اعتمدنا في هذا البحث على مجموعة من المقالات والدوريات وهذا ما يضفي عليه الصبغة العلمية ويقربنا أكثر من الواقع كما أن أهمية البحث. أن الفترة التي ينجز فيها جاءت بعد الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 6 يونيو 2009 حيث نلاحظ إرادة سياسية من طرف المجالس المنتخبة الجديدة حول إعطاء نفس جديد فيما يخص تدبير الشأن المحلي. لكن السؤال المطروح هل هاته الإرادة سوف تعرف الاستمرارية إذن تبقى الأيام القادمة هي التي سوف تجيبنا على هذا السؤال.
لقد سبق أن أشرنا إلى أن الإشكالية المركزية لهذا الموضوع تتمحور حول إرادة المشرع في مجال إحداث المرفق العام المحلي هذه الإشكالية تقتضي منا الضرورة المنهجية تقسيمها إلى إشكالات متميزة وذلك بهدف السيطرة على كل جوانب هذا الموضوع ولهذا سلكنا في دراسة هذا البحث إلى تقسيمه إلى محوريين أساسيين :
المبحث الأول : الإطار القانوني المحدث للمرفق العام المحلي.
المبحث الثاني :. حدود استقلالية في مجال إحداث المرفق العام المحلي
المحور الأول: الإطار القانوني لإحداث المرافق العامة المحلية.
يعتبر المجلس بمثابة الجهاز الذي يتكلف بتدبير الشؤون المحلية للجماعة وقد أناطه المشرع بعدة اختصاصات أهمها إحداث المرافق العامة المحلية،وذلك من خلال مجموعة من المواثيق المتعلقة بالتنظيم الجماعي،ابتداءا من ظهير 23 يونيه1960 الذي يعتبر بمثابة القانون الأساسي الأول للتنظيم الجماعي وصولا إلى ميثاق 13 أكتوبر 2002 والتعديل الذي لحق هذا الأخير بموجب القانون رقم08/17 الذي طور بشكل كبير اختصاصات المجلس الجماعي وسار به في اتجاه واحد وهو تدعيم وتقوية مفهوم اللامركزية.
وفي إطار هذا التطور تنوعت أنشطة الجماعة،خصوصا في مجال إحداث المرافق العامة المحلية وذلك من أجل الاستجابة لحاجيات المواطنين المتزايدة وتلبية رغباتهم.
من هذا المنطلق سوف نجيب عن مجموعة من الأسئلة: 
1-) ماهي المواد القانونية التي جاء بها المشرع المغربي في مجال إحداث المرافق العامة المحلية وماهي التعديلات التي لحقتها؟
2-) انطلاقا من هذه المواد القانونية ما هي السلطة المختصة في إحداث هذه المرافق المحلية؟ ما هي مسطرة المعتمدة في مجال هذا الإحداث وأخيرا ما هي مختلف أنواع المرافق العامة المحلية التي أحدثت؟
المطلب الأول: المواثيق المعتمدة في إحداث المرافق العامة المحلية.
إذا كان لدخول المغرب عهد الاستقلال التحول النوعي في الإطار المؤسساتي والقانوني المنظم للجماعات المحلية،الأثر الايجابي عبر المحطات الثلاث التي راكمت خلالها عدة تجارب فان حضورها في مختلف هذه المحطات لم يكن بنفس الوثيرة والحصيلة.
فالجيل الأول منها ارتبط بسياق الاستئناس بالتجربة وقد عاشها المغرب خلال فترة تمتد من1960 الى1976 حيث جاء ظهير 23 يونيو 1960 كأول تجربة ترجمت اللامركزية على مستوى الجماعة وبالتالي التنظيم الجماعي.
إلا انه ومنذ القراءة الأولية لهذا الظهير نلاحظ انه جاء بنواقص وثغرات لا تستجيب لكل الانتظارات فيما يخص إحداث المرافق العامة المحلية،حيث يلاحظ أن المواد التي جاء بها هذا الظهير لا تعدو أن تكون حجر الزاوية في مجال إحداث المرافق العامة المحلية ويتعلق الأمر بالفرع الثاني من الميثاق الذي يهم اختصاصات المجلس الجماعي والذي يضم الفصول من 19 إلى 26.
إذ نلاحظ أن المشرع لم يعط المجلس سلطة إحداث المرافق العامة المحلية وإنما أناطه بتدبير شؤون هذه المرافق تحت سلطة الإدارة العليا التي تتمثل في شخص وزير الداخلية اللهم الاستثناء الوحيد الذي يخص الفقرة الخامسة عشرة من الفصل 20 والتي تخول للمجلس الجماعي إحداث المعارض والأسواق.
من هنا كان جليا انه لابد من إحداث ميثاق جديد قادر على مواكبة التطورات السياسية والاقتصادية للبلاد وعلى هذا الأساس دخل المغرب مرحلة الجيل الثاني من الجماعات المحلية التي أقيمت على أرضية ميثاق 30 شتنبر 1976 الذي جاء في إطار محاولة تجعل الجماعات المحلية عامة والحضرية والقروية خاصة وحدات أساسية لتفعيل الشأن المحلي وذلك على مستوى السلطات المخولة للمجالس الجماعية المنتخبة ورؤسائها في إحداث وتدبير المرافق العامة المحلية.
ويمكن تلخيص أهم ما جاء به هذا الميثاق نقطتين أساسيتين:
الأولى هي توسيع مجال اختصاصات المجالس الجماعية لتشمل إحداث المرافق العامة المحلية بعد أن كان هذا الإحداث من اختصاص السلطة المركزية.
فطبقا للفقرة الرابعة من الفصل 30 من نفس الميثاق، يقرر المجلس إحداث وتنظيم المصالح العمومية الجماعية وتدبير شؤونها إما عن طريق الوكالة المباشرة أو الوكالة المستقلة.وإما عن طريق الامتياز.هذا من جهة،ومن جهة أخرى لا يفوتنا أن نشير إلى انه وفي إطار التوسع الذي عرفته الحواضر الكبرى وبناء على حاجة ملحة فرضتها ظروف الامتداد العمراني بهذه الحواضر وحفاظا على وحدة هذه المدن وبغية تناسق وانسجام الوظائف والمهام داخل الجماعات المحلية التي يربطها رباط واحد داخل المدار الحضري لمدينة واحدة قرر المشرع إحداث مجوعة حضرية تضم جماعتين أو عدة جماعات حضرية من المجموعة العمرانية الحضرية لنفس المدينة وأناطها بنفس اختصاصات المجالس الجماعية الأخرى بما في ذلك إحداث المرافق العامة المحلية.
بدأت تجربة المجموعة الحضرية بمدينة الدار البيضاء ثم تبعتها بعد ذلك عدة مجموعات أخرى،لكن أكدت الممارسة أن هذه التجربة لم تكن في مستوى التطلعات بالنظر إلى عدة اعتبارات قانونية وسياسية وتدبيرية ،لهذا جاء المشرع بانطلاقة جديدة تبنى المغرب من خلالها الميثاق الجماعي ل 13 أكتوبر 2002 الذي أصبحت بموجبه الجماعات تلعب دورا طلائعيا في مجال التنمية المحلية وذلك بتوسيع مجالات اختصاصاتها خصوصا فيما يتعلق بإحداث المرافق العامة المحلية فقد خصها المشرع بمادة كاملة فصل فيها أنواع المرافق التي يمكن للمجلس أن يقرر حول إحداثها وهي المادة 39 التي تنص على مايلي:
"يقرر المجلس الجماعي إحداث وتدبير المرافق العمومية الجماعية خاصة في القطاعات التالية:
- التزود بالماء الصالح للشرب وتوزيعه.
- توزيع الطاقة الكهربائية.
- التطهير السائل.
ويقرر المجلس في طرق تدبير المرافق العمومية الجماعية عن طريق الوكالة المباشرة...."
وفي المادة 43 وفي إطار الاختصاصات القابلة للنقل أدرج المشرع لائحة بالمرافق العامة المحلية التي يمكن للمجلس التقرير في إحداثها في حالة ما كلفته الدولة أو أي شخص معنوي أخر بذلك.
كما أنه أحدث نظاما جديدا يحل محل نظام المجموعة الحضرية،إلا انه لا يمس إلا المدن التي يتجاوز عدد سكانها 500 ألف نسمة إذ تنص المادة 85 من الميثاق على إحداث مجالس مقاطعات تابعة للجماعة الأم وتتوفر هذه المجالس على الاستقلالية المادية والإدارية إلا أنها مجردة من الشخصية القانونية.
ولقد أناط المشرع هذه المجالس عن طريق المادة 101 بإحداث بعض المرافق العامة المحلية كالطرق العمومية والمنتزهات والحدائق ودور الشباب والأندية ...إلخ.
- إلا أن هذا الميثاق لم يعمر أكثر من5 سنوات ،الشيء الذي يؤكد انه لم يستطع الإحاطة بكل العيوب بل تضمن سلبيات وعيوب جديدة ثم الوقوف عليها من خلال تنفيذه وتطبيق مقتضياته.
الشيء الذي دفع المشرع إلى إصدار قانون 17.08 الذي جاء بتعديلات تهم ميادين شتى إلا انه وفيما يتعلق بإحداث المرافق العامة المحلية لم يأت بالشيء الكثير إذ انه أبقى على نفس المقتضيات التي تهم إحداث هذه المرافق.
وبعد هذه القراءة الشاملة لمختلف النصوص القانونية التي تهم إحداث المرافق العامة المحلية،لا بد لنا في مرحلة ثانية أن نناقش أنواع المرافق العامة المحلية التي جاء بها المشرع في مجال تدبير الشأن المحلي تدعيما لسياسية القرب.
المطلب الثاني:مسطرة إحداث مرافق عمومية محلية ومختلف أنواع هذه المرافق.
انطلاقا من المواد القانونية التي جاء بها الميثاق الجماعي لسنة 2002 المعدل بقانون رقم 08.78 ونخص بالذكر المواد من 36 إلى 43 نجد أن أول ما ينبغي أن يقوم به المجلس الجماعي والمكتب المسير هو دراسة شاملة مبنية على أسس موضوعية وحقيقية للكشف عن طبيعة ما يحتاجه المواطنون وبالتالي مختلف المرافق التي يجب إحداثها 
من هنا يتجلى لنا أن مسطرة إحداث المرافق العامة المحلية وإلغائها حسب معطيات وحاجيات كل جماعة على حدة ليست بالأمر السهل.
فطبقا للمادة 39 من نفس الميثاق نجد أن المشرع قد أناط بالمجلس سلطة التقرير في إحداث المرافق الجماعية عن طريق المداولات وهنا يأتي دور الرئيس باعتباره السلطة التنفيذية للمجلس في هذا الإحداث حيث يتوجب عليه وضع إطار قانوني لهذا الإحداث وكذلك توفير الموارد البشرية واللوجيستيكية اللازمة.
وعلى اثر هذا يتم إحداث مرفق عام جماعي مسخر لإشباع حاجة معينة خدمة للصالح العام وتفعيلا لسياسة القرب والذي يتجلى في مصلحة أو قسم داخل الجماعة عند ما نتكلم عن الإدارة المباشرة .
أما فيما يخص الإدارة غير المباشرة تأتي مسطرة الإحداث بناء على حاجيات المدينة بصفة عامة التي تضم مجموعة من الجماعات المحلية حيث أن إحداث مرفق عام محلي على سبيل المثال،النقل الحضري لا بد من وضع إطار منظم يخدم جميع ساكنة المدينة وفي نفس الوقت يدار بطريقة دقيقة ومرنة تخدم جميع الجماعات المعنية وهنا تأتي مسطرة الإحداث بناءا على اجتماع ممثلي جميع الجماعات فيما يخص إحداث هذه المرافق بحضور ممثل وزارة الداخلية بالنسبة للجماعات الحضرية أو ممثل العامل بالنسبة للجماعات القروية وبعد دراسة متأنية حول هذا المرفق يأتي دور رؤساء الجماعات المحلية ووزارة الداخلية في وضع مشروع لإحداث هذا المرفق وبعد ذلك يتم وضع كل الوسائل الضرورية التي تأتي لتنظيمه وإعطائه الصفة القانونية حتى يقوم بالوظيفة التي احدث من اجلها. 
و بعد أن فصلنا مختلف المساطر المتبعة في إحداث المرافق العامة الجماعية وكذا السلطات المختصة في هذا الإحداث سواء كانت الإدارة المباشرة أو الغير المباشرة سوف ننتقل للحديث عن مختلف أنواع المرافق الجماعية.
فطبقا للفصل 39 من الميثاق الجماعي، يقرر المجلس الجماعي إحداث وتدبير المرافق العامة الجماعية خاصة في القطاعات التالية.
1-) التزود بالماء الصالح للشرب وتوزيعه.
2-) توزيع الطاقة الكهربائية 
3-) التطهير السائل.
4-) جمع الفضلات المنزلية والنفايات المشابهة لها ونقلها وإيداعها بالمطرح العمومي ومعالجتها.
5-) الإنارة العمومية.
6-) النقل العمومي الحضري.
7-) السير والجولان وتشوير الطرق العمومية.
🤓 نقل المرضى والجرحى.
9-) الذبح ونقل اللحوم والأسماك.
10-) المقابر ومرفق نقل الجثث.
إذن يمكننا أن نميز بين ثلاث فئات من المرافق الجماعية التي يمكن للمجلس ان يقرر في إحداثها وتتمثل في :
*المرافق الإدارية 
*المرافق الاجتماعية والثقافية 
*المرافق الاقتصادية 
من بين المرافق الإدارية يمكننا أن نذكر: 
* المرفق المكلف بالسكن:في إطار توفير السكن ومحاربة أحياء الصفيح والسكن العشوائي يبقى دور هذا المرفق الجماعي مقتصرا على توفير الأراضي من الملك العقاري قصد انجاز السكن والحد من انتشار أحياء الصفيح.
* المرفق المكلف بالتعمير: يعتبر من الميادين الحيوية التي لها ارتباط مباشر بالعمل الجماعي ويمكن تلخيص صلاحيات هذا المرفق في ما يلي:
- إصدار قرارات تخطيط حدود الطرق العامة.
- منح رخص البناء.
- منح رخص التجزئة.
* المرفق المكلف بالحالة المدنية:من بين أهم مهامه:
- ترسيم عقود الزواج. 
- إبرام عقود الزواج.
- تسليم رخص الدفن.
- استخراج مضامين الولادات.
اما بالنسبة للمرافق دات الطابع اجتماعي يمكننا أن نذكر:
* المرفق المكلف بالصحة:أو ما يسمى بالمكتب الصحي الذي يقوم بمراقبة احترام القوانين و التشريعات التي تهم مجال الصحة وذلك بمتابعة المخالفين عن طريق اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الإدارية في حقهم.
* المرفق المكلف بالثقافة:يتجلى دور هذه المرافق في بناء بعض التجهيزات الثقافية كالخزانات والمركبات الثقافية والمعاهد الموسيقية المساهمة في التنشيط الثقافي داخل الجماعة.
* المرفق المكلف بإحداث المساحات الخضراء:يعتبر هذا المرفق من أهم الأعمال التي تتحملها الجماعة حيث تقوم بتشجير المدن والجوانب الطرق العامة تحت إشراف تقنيين و إداريين.
و بالنسبة للمرافق دات الطابع اجتماعي يمكننا أن نذكر:
* المرفق المكلف بالأسواق الأسبوعية:مهمته الأساسية هي تنظيم وتدبير معقلن للأسواق الأسبوعية وذلك بوضع معايير إحداث السوق الأسبوعي،وتهيئة السوق وكذا تنظيم الأنشطة داخل السوق.
* المرفق المكلف بالماء الصالح للشرب:يقوم ببرمجة ودراسة مشاريع التزود بالماء الصالح للشرب وتحليل مختلف مراحل هذه المشاريع خاصة بالعالم القروي كما يقوم بمراقبة وتتبع المردود وجودة الماء
إذا كان المجلس الجماعي حاضرا من خلال إحداث المرفق العام المحلي في إطار الصلاحيات التي خولها له الميثاق الجماعي الحالي من خلال المادة 39 يبقى السؤال الذي يطرح نفسه عادة حول مدى استقلالية الجماعة المحلية سواء الحضرية أو القروية في مجال الأحداث,
هذا ما سوف نبحث عنه في المبحث الثاني.
المبحث الثاني : محدودية استقلالية المجالس المحلية في مجال احداث المرفق العام المحلي.
ان الجماعة المحلية كما نعلم في إطار الدولة الموحدة ليست دولة داخل الدولة. وإنما كيان يحيى وينمو داخل الدولة التي بدورها تأثر بالظروف الاقتصادية والاجتماعية وكذلك السياسية, مع الإصدارات المتعاقبة التي تصاحب هدا التطور من القوانين والتنظمات نتيجة للتغيرات التي تعيشها مع مرور الزمن وفي هذا السياق تبرز اهمية معالجة موضوع استقلالية المجلس الجماعي سواء القروي أو الحضري في مجال إحداث المرفق العام المحلي من أجل إرساء أسس الديمقراطية المحلية وتعزيز اللامركزية.
وعلى هذا الأساس انتقينا مطلبين أساسين يندرجان في دائرة الإجابة عن هذا الموضوع.
المطلب الأول : استقلالية المجلس الجماعي في مجال إحداث المرفق العام المحلي.
لقد عمل الميثاق الجماعي الجديد على تدعيم اختصاصات المجالس الجماعية بشكل واحد وتوسيع مسؤولياتها بشكل كبير لتشمل حقولا جديدة من الصلاحيات على شكل اختصاصات بقوة القانون وذلك من أجل تحقيق تنمية محلية، ويتجلى ذلك من خلال المواد القانونية التي جاء بها الميثاق الجماعي الجديد حيث أن المادة 39 منه تعد المحدد الأساسي لدور المجلس الجماعي في ميدان إحداث المرفق العام المحلي التي حملت في طياتها ما يلي :
-يقرر المجلس الجماعي إحداث وتدبير المرافق العمومية الجماعية خاصة في القطاعات التالية:
-التزود بالماء الصالح للشرب وتوزيعه.
-توزيع الطاقة الكهربائية،
-التطهير السائل.
-النقل العمومي الحضري.
ويقرر المجلس في طرق تدبير المرافق العمومية الجماعية عن طريق الوكالة المباشرة والوكالة المستقلة والامتياز وكل طريقة أخرى من طرق التدبير المفوض للمرافق العمومية طبقا للقوانين والأنظمة المعمول بها.
يعتبر نظام اللامركزية وما شهده من تطورات متلاحقة من إبراز حلقات المسلسل الديمقراطي الذي أسسه المشرع،حيث توخت النصوص القانونية التدابير المتخذة بشأنه إلى تقريب سلطة التقرير من المواطنين وتمكينهم من المشاركة وتدبير الشأن المحلي العام بالاعتماد على المؤهلات المحلية لإنجاز مشاريع تستجيب لحاجياتهم الحقيقية،كما وسع المشرع من اختصاصات السلطة المنتخبة وقوت من مجالات تدخلاتها عن طريق إحداث المرافق العامة المحلية حيث حظيت الجماعة المحلية بعناية خاصة من اجل تأسيس الدعائم العامة للامركزية الإدارية التي سوف تحكمها ثلاثة أسس رئيسية لإرادة المشرع.
حيث أن الإدارة المحلية تسعى بالأساس إلى إسناد المصالح المحلية إلى من يهمهم الأمر وذلك لإشباع حاجاتهم المحلية بأنفسهم ولما كان من المستحيل على جميع أبناء المدينة أن يقوموا بهذه المهمة بأنفسهم مباشرة فان المشرع قد جعل إسناد هذه المصالح المحلية إلى من ينتخبونه بنيابة عنهم ومن ثمة كان الانتخاب هو الطريقة الأساسية التي يتم عن طريقها تكوين المجالس المعبرة عن إرادة الشخص المعنوي العام للجماعة.
يمكن القول بصفة عامة أن الجماعة أصبحت تتوفر على كل الوسائل القانونية التي تمكنها من التدخل في مجال إحداث المرفق العام المحلي بصفة مباشرة أو غير مباشرة من أجل تحقيق * على ترابها الخاضع لها في جميع المجالات سواء الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الاسم الذي يمكنها من أن تلعب دورا رياديا وطلائعيا في ترسيخ أسس اللامركزية التي تتهجها الدولة الحديثة من خلال المفهوم الجديد للسلطة لتقديم خدمات جيدة للمواطن وتحسن ظروف حياتهم اليومية حيث اعتبرت اللامركزية كجزء مكمل للتحديات التي يعرفها المغرب إلا أن السؤال المطروح هل الاستقلالية التي منها المشرع للمجالس المحلية في مجال إحداث لا تخضع لأية رقابة إدارية؟ هذا ما سوف عنه خلال المطلب الثاني.
المطلب الثاني : محدودية استقلالية المجلس الجماعي في مجال إحداث المرفق العام المحلي.
إذا كان الميثاق الجماعي الجديد قد حمل في طياته شعار التخفيف من الوصاية المفروضة على اعمال المجالس الجماعية حيث أعتبر مسألة التخفيف من بين الأهداف الأساسية والإصلاحات الهامة التي يتوخى مشروع الإصلاح تحقيقها, فإن المجالات الوارد تحديدها في المادة 69 هي تقريبا نفس المجالات المذكورة في القانون 1976 مما بدل على أن أهم القرارات والمداولات بقيترهينة المصادقة المسبقة لسلطات الوصاية.
وقد عرف Lavoque الوصاية بأنها مجموعة السلطات التي منحها المشرع للسلطة المركزية لتمكينها من الرقابة على نشاط الهيآت اللامركزية بقصد حماية المصلحة العامة. كما عرفها Damboor مجموعة السلطات المحددة و المخولة بقانون أو طبقا له لسلطة عليا بقصد تحقيق المشروعية وحماية المصلحة العامة في مواجهة القصور أو التجاوز أو التقرير أو إساءة استعمال الأشخاص اللامركزية لسلطاتها.
إذن يبقى هدف الوصاية التي منحها المشرع لسلطة العليا هو منع انحراف الهيآت اللامركزية وتحقيق مشروعية أعمالها وعدم تعارضها مع المصلحة العامة. وتعتمد فيها أعمالها على مجموعة من الإجراءات في مواجهة القرارات الصادرة عن المجالس الجماعية للتأكد من مشروعيتها هذه الإجراءات تختلف انطلاقا من طبعة القرار الصادر عن هذه الهيآت.
وعلى ضوء ذلك فإن مقتضيات الميثاق الجماعي الجديد تقضي بأن يتولى وزير الداخلية أو من يفوض إليه ذلك المصادقة المقررة في المادة 69 بالنسبة للجماعة الحضرية والوالي أو العامل بالنسبة للجماعات القروية لكن تدخل ضمن سلطة المصادقة المخولة للوالي أو العامل لمختلف الجماعات المقررات المدكورة في المادة 73.
من خلال قراءة تحليلية لهذه المادة 69 أن إحداث المرفق العام المحلي بقرار المجلس الجماعي لا يكون ساريا المفعول إلا بعد المصادقة وزير الداخلية أو من يفوض له ذلك.
هناك إشارة مهمة لابد من التطرق إليها حول تخفيف آجال المصادقة حيث تم تقليص آجالها من ثلاث أشهر إلى 45 يوما بالنسبة للمصادقة على القرارات الخاضعة للرقابة المسبقة لوزير الداخلية و 30 يوما بالنسبة للوالي أو العامل وذلك على أساس أن تكون تلك المصادقة خلال الأجل مع عدم تجاوزه.
وفي حالة رفض المصادقة ينبغي تبليغ قرار الرفض معللا إلى رئيس المجلس الجماعي ويكن تجديد الأجلين السالفين مرة واحدة ولنفس المدة بمرسوم معلل يتخذ باقتراح من وزير الداخلية.
وفي حالة عدم صدور قرر في الأجلين المحررين سابقا يعد بمثابة مصادقة ضمنية وبالتالي يصبح بمقتضاها لرئيس المجلس الجماعي الحق في تطبيق قرار المتعلق بإحداث المرفق العام المحلي ماعدا إذا كان هناك تعرض تعلل من طرف العامل أو الوالي.
كما لابد من تسليط الضوء على أعمال الوصاية حيث دورها لا يقتصر على التصديق فقط بل يمكن أن تشمل الاعتراض على المقررات وإعادتها إلى المجلس من أجل إجراء دراسة جديدة وإجراء الاعتراض الذي منحه القانون لسلطة الوصاية تم تدعيم بقاعدة تعليل طلب إجراء الدراسة الجديدة المادة ( 70 من الميثاق الجماعي نؤكد ذلك).
صفوة القول, يمكن أن نقول أنه إذا كانت الوصاية آلية لصيقة بالنظام اللامركزي فهي تشكل في حقيقة الأمر المقياس الذي يكشف استقلالية المجالس الجماعية في تدبير الشأن المحلي.




 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق